“في المال ولا في العيال”.. كلمات لطالما رددها الغزيون على مسامع من دُمرت منازلهم جراء الحرب المتواصلة على القطاع منذ السابع من أكتوبر/ تشرين أول المنصرم؛ لعلّه يهوّن عليهم مصابهم، حين يُقارن بفقدان الابن مثلًا!

لكن ما لا يعرفه منْ هم خارج هذه البقعة الجغرافية، أنّ الشخص الذي يفقد منزله فيها، سيخسر كل ما يملك، وكل سنوات شقائه و”عرق جبينه”، عدا عن فقدانه لكل الذكريات والتفاصيل التي جمعته بأهله وأحبابه تحت سقفه وبين جدرانه.

وقد أظهرت الصور بعد انسحاب جيش الاحتلال فجر أمس الخميس، لأول مرة مند 7 أكتوبر، من مناطق واسعة بمحافظتي غزة والشمال وشارع الرشيد، دمارًا هائلًا ومفزعًا، حيث لم يستطع الأهالي التعرف على منازلهم، بعد تدميرها، وتجريف الطرق والمحلات المؤدية لها.

ووثقت مشاهد مصورة التقطها صحفيون وسكان محليون، ما فعلته آليات الاحتلال الإسرائيلي من تخريب ودمار بمناطق السلاطين والعطاطرة، والتوام والكرامة، والأمن العام، والمخابرات والمقوسي، وبهلول، وأجزاء من شارع الرشيد الساحلي.

وطال الدمار الأبراج والعمارات السكنية ومنازل المواطنين، والشوارع والطرقات، والمراكز الصحية، والمؤسسات الحكومية، والمساجد، وقاعات الأفراح، والمنشآت التجارية، والبنى التحتية، حيث تحولت أجزاء كبيرة منها إلى أكوام من الركام بلا معالم، فيما تعمّد الاحتلال حرق بعضها وإحالتها إلى رماد.

“في غزة إذا دُمر البيت، راح كل شيء ليعود صاحبه ليبدأ المشوار من الصفر وربما من تحت الصفر”، هكذا عبّرت حمدية عبد الرحمن عن مشاعرها، حين تلقت نبأ تدمير منزلها وحرقه من قبل الاحتلال، في حيّ الشيخ رضوان شمالي مدينة غزة. 

وتقول إنها نزحت إلى جنوب قطاع غزة بعد شهرٍ من اندلاع الحرب، ولم تتمكن من إخراج احتياجاتهم وأوراقهم المهمة، ولا حتى أموالهم، “طلعنا بروحنا من تحت القصف”.

وبملامح حزنٍ شديد، أخذت ضيفتنا تُقلّب صور الدمار الذي لحق بالأماكن التي انسحب الاحتلال منها، وتابعت حديثها: “اتصل أحد الجيران بي صباح اليوم الجمعة، ليُخبرني بما حلّ بمنطقتنا، حيث طال التدمير كل شيء، الشجر والحجر والبشر”.