في خيمة صغيرة تتسلل إليها مياه الأمطار، تعيش الفلسطينية منال جحا مع عدد من أفراد أسرتها الناجين من مجزرة مروعة فقدت فيها قدمها، و95 من أفراد عائلتها وعدد من النازحين لديهم.
تستذكر جحا، كيف مر أول شهرين من الحرب الإسرائيلية بهدوء نسبي على منطقة سكنها في حي التفاح بغزة، مقارنة بما كانوا يتابعونه في الأحياء المجاورة وباقي قطاع غزة.
في عمارة من 6 طوابق كانت جحا تعيش مع زوجها وأبنائها الستة، و6 أسر أخرى، وعندما اندلعت الحرب ومع تصاعد العدوان لجأ إليهم 5 أسر أخرى، بحيث باتت العمارة تضج بالسكان والنازحين.
وقالت: كنا نسمع أصوات القصف والانفجارات، كانت الأمور صعبة خاصة مع أزمة الكهرباء والمياه، ولكن كان باستطاعتنا توفير الطعام المناسب من المحلات التجارية المجاورة مع تقنين في المصاريف، إذ لا نعلم متى ستنتهي الحرب.
حالة الهدوء النسبي انتهت بكابوس صباح 6/12/2023، عندما قصفت طائرات الاحتلال الحربية بدون سابق إنذار العمارة بأكملها بصاروخ ضمن حزام ناري لمنطقتنا، وعلى إثرها سويت العمارة بالأرض واستشهد حوالي 95 فردا من العائلة ونجا 12 شخصا، أنا منهم، بينما ما يقارب 40 شخصاً مازالوا تحت الأنقاض، وفق شهادة منال جحا التي نشرها المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان.
تستذكر تلك اللحظات: كنت حينها أقرأ قرآن وفجأة تعرض المنزل للقصف، وجدت نفسي تحت الركام وقد وقع على ظهري ورأسي عامود باطون، بينما تأكل النار رجلي اليمنى وتحرقها، لم أتوقف عن الصراخ وطلب النجدة.
وأضافت: بعد ربع ساعة بدأ الجيران يخرجوننا من تحت الركام فتعرضوا للقصف من طائرات الاحتلال المسيرة (الزنانة)، فابتعدوا قليلا، إلا أنهم عادوا لينقذونا مرة أخرى.
تمكن الجيران من إخراج السيدة منال من تحت الأنقاض ونقلت إلى مستشفى المعمداني.
تقول: من كثرة المصابين وقلة الأطباء لم تجر لرجلي المحترقة أي عملية لعدة أيام، فبدأ الدود يخرج منها مما أوجب إجراء العملية لي بعد أسبوع، وعلى إثرها بترت قدمي اليسرى.
لاحقًا بدأت الناس تتناقل تهديد جيش الاحتلال الإسرائيلي باجتياح المنطقة المحيطة بمستشفى المعمداني برياً، فقررت منال مع الناجين من أسرتها الهروب، ونقلت إلى مستشفى الشفاء عبر عربة يقودها حمار تبرع لها الناس بتكلفة النقل بعد أن فقدت كل ما تملك من الأموال في قصف منزها.
وفي مستشفى الشفاء الذي يعمل بشكل جزئي، تستمر معاناة جحا، وتقول: رغم أنني أتلقى الرعاية في المستشفى إلا أنني أعاني من نواحي أخرى كثيرة فلا أستطيع مساعدة ابني المصاب ولا القيام باحتياجات أولادي ولكنني بحمدالله لدي زوج وابن كبير داعمين ومساعدين لي.
تضيف: أشعر أنني بغيبوبة ومفصولة عن العالم وعن عائلتي التي أحبها، لا اشعر بأي شيء ولا أستطيع التركيز بشيء، أبكى وأصرخ فجأة.
وذكرت أنها تعيش حاليًا داخل خيمة في مستشفى الشفاء تسكنها ٣ عائلات مجموعها 12 فردا، وتعاني من البرد الشديد وعدم توفر مياه صالحة للشرب ولا للاستخدام اليومي.
كما تعاني مع عائلتها من الجوع الشديد يوميا؛ وباتوا ينتظرون مساعدة أهل الخير على شكل وجبة وحيدة يتناولنها مكونة من الأرز فقط.